الرئيسية \ اصدارات \ خبر وتعليق \ اصدارات \ مقالات \ سبيل نهضتنا التمسك بالإسلام وليس ديمقراطية الغرب وحرياته التي تسعى حكومة الإسلام المعتدل في تطبيقها

بسم الله الرحمن الرحيم

سبيل نهضتنا التمسك بالإسلام وليس ديمقراطية الغرب وحرياته التي تسعى حكومة الإسلام المعتدل في تطبيقها


نشر موقع فلاش بريس يوم 09 تموز/يوليو 2015 خبرا جاء فيه: "يواصل مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، خرجاته المثيرة، بعد أن تحول إلى أشد المدافعين عن الحريات الفردية، وكشف في كلمة ألقاها في افتتاح يوم دراسي عقده فريقا حزب الأصالة والمعاصرة بمجلسي النواب والمستشارين، الثلاثاء الماضي، عن تفاصيل جديدة مرتبطة بالنقاش الدائر حول مسودة القانون الجنائي، وتتعلق بتجريم بعض الممارسات التي تعتبر الجمعيات الحقوقية والأحزاب الحداثية أنها تدخل في نطاق ممارسة الحريات الفردية.


وخلافا لموقفه السابق عندما هدد بتقديم استقالته في حال عدم تجريم العلاقات الجنسية خارج مؤسسة الزواج، أعلن الرميد عن موقف مثير في ما يخص العلاقات الجنسية غير الشرعية، وقال: «لو وجدنا رجلا مع امرأة داخل بيت مغلق، فهذه يمكن تصنيفها مخالفة قانونية ولكنها ليست عملا مجرما»، وأضاف قائلا: «وحتى لو وجدنا امرأة مع رجل غريب فوق سرير واحد، لا يجوز اعتباره جريمة فساد أو جريمة زنى»، مؤكدا أنه لا يمكن معاقبتهما إلا بعد ضبطهما متلبسين على صيغة لا تقبل أي تأويل أو شبهة، ويكون إثبات هذه الجريمة مرهونا بتوفر شرطين أساسيين لا ثالث لهما، وهما معاينة حالة التلبس من طرف ضابط للشرطة القضائية أثناء مزاولته عمله بطريقة عادية، أو الاعتراف من طرف أحد الطرفين.


هذا وأكد الرميد أن الاعتراف بدوره يكون بطريقة فيها تمحيص قضائي، معتبرا أن هذين الشرطين هما اجتهاد في إطار الشريعة الإسلامية التي تشترط وجود أربعة شهود لإثبات جريمة الزنى." انتهى


بتاريخ 2015/06/23 أصدرت الجمعية البرلمانية للمجلس الأوروبي قرارا رقم "2061 (2015)" بشأن تقييم الشراكة من أجل الديمقراطية مع البرلمان المغربي دعت فيه المغرب في البند (5.11) للقيام بالإجراءات الضرورية لحذف تجريم العلاقات الجنسية غير الشرعية والمثلية الجنسية في القانون الجنائي.


يبدو أن وزير العدل والحريات لم يتأخر كثيرا في تغيير خطابه ليستجيب لمطالب المجلس الأوروبي، ونقول لمن استغرب تحوله "إذا عرف السبب بطل العجب".

لقد تحولت حكومات الإسلام المعتدل أو ما سماها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية السابق، عبد الكبير العلوي المدغري، بالحكومات الملتحية، إلى بوابة مشرعة لتقنين التشريعات الغربية والمفاهيم العلمانية المنافية للإسلام، بالتلبيس والتدليس والتغيير المتدرج.


فالقول أن وجود امرأة مع رجل غريب فوق سرير واحد، لا يجوز اعتباره جريمة فساد أو جريمة زنا تدليس بيّن، فهو يستدعي أحكام الإسلام في المكان الخاطئ لأسلمة نظرة الغرب للعلاقة بين الرجل والمرأة. قال سبحانه: ﴿وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً﴾ والنهي عن مقاربة الزنا نهي عن كل مقدماته والوسائل الموصلة إليه. وكما أن الزنا فساد وجرم وفعل فاحش فكذلك مقدماته فساد وجرم وفعل فاحش، ووجود الشبهة الدارئة لوصف مباشرة الرجل للمرأة بالزنا لا ينفي عنهما ارتكاب الحرام ووصف فعلهما بالفساد خاصة وأنهما ضبطا تحت لحاف واحد.


فصحيح أن التجسس حرام وأن الحدود تُدرأ بالشبهات وأن جريمة الزنا تفتقر للبينة شهودا أو اعترافا أو حملا لم يدرأ بشبهة، لكن الحديث ليس عن جريمة الزنا ولا عن التجسس ولا عن عدم انتهاك حرمة البيوت والتفتيش وراء الأشخاص، وإنما الموضوع هو الحريات الفردية ومنها حرية إقامة علاقة جنسية كاملة بين بالغين برضاهما سواء أكانت زنا أو دون ذلك.


إن تصريح السيد مصطفى الرميد ليس اجتهادا شرعيا وإنما هو مسايرة للإملاءات الدولية وخضوع للاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والتي أصبحت بمثابة قانون دولي تمليه أمريكا والاتحاد الأوروبي على دول العالم وخاصة الإسلامي منه لإخضاعها فكريا وتشريعيا لوجهة نظر الغرب الرأسمالي العلماني للحياة، وتفرضه من خلال مؤسساتها المالية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومن خلال قرارات الأمم المتحدة.


إن الغرب لا يجرم العلاقات الجنسية بين راشدين برضاهما ويرى ذلك حقا إنسانيا من واجب الدولة أن تكفله ويعتبر أي منع بأي شكل من الأشكال لهذا الحق تضييقا على حرية الأفراد وانتهاكا لحق من حقوق الإنسان. وهذه النظرة مخالفة لنظرة الإسلام للعلاقة بين الرجل والمرأة فقد جعل الله سبحانه من صفات عباده المومنين أنهم (لا يَزْنُونَ)، فقرن الله حفظ الأنساب بالتوحيد وبالحفاظ على النفس البشرية مما ينبه أن لعلاقة الرجل بالمرأة مكانة عظيمة في الإسلام وجب صونها من كل ما ينحط بها إلى درك الحيوان. والعلاقة الجنسية بين رجل وامرأة خارج إطار الزواج في الإسلام علاقة غير شرعية ومحرمة سواء أكانت العلاقة زنا أو دون ذلك، والحرام رتب عليه الشارع عقوبات أخروية فقط أو قرنها بعقوبات دنيوية زاجرة ورادعة؛ فكان أن أوجب الله سبحانه حد الزنا قال تعالى: ﴿سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾. وكما حرم الإسلام الزنا فقد حرم مقدماته قال سبحانه: ﴿وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً﴾وعقوبتها عقوبة تعزيرية يقدرها الإمام.


فمفاهيم حقوق الإنسان بالمفهوم الغربي مخالفة للإسلام، والحريات الفردية بالمفهوم الغربي العلماني لا وجود لها في الإسلام، فلا يوجد في الإسلام حرية شرب الخمر ومن يشربه آثم وتعاقبه الدولة، ولا وجود في الإسلام للحق بالإفطار العلني في رمضان ومن يفطر في رمضان ويجاهر بذلك ويدعو الناس له ارتكب جرما وتعاقبه الدولة، ومن يختلي بامرأة آثم ويعاقب من الدولة، وكذلك من يعاشر امرأة معاشرة الأزواج دون إيلاج أو يزني بها فقد أتى جرما عظيما وتعاقبه الدولة، إلى غيرها من المخالفات الشرعية للأفراد والتي حرمها الإسلام بينما تبيحها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان. والعقوبة من الدولة إما حد حده الله كحد الزنا أو عقوبة تعزيرية للقاضي صلاحية تقديرها، ولا تقع العقوبة إلا من الدولة بعد حكم قضائي أثبت الجرم فأنزل العقوبة.


لقد أكد هذا التصريح من وزير العدل أمورا ثلاثة:


أولها، أن الإصلاحات التشريعية وعلى منوالها الإصلاحات الاقتصادية والسياسية هي استجابة لإملاءات خارجية وليست في غالبها حلولا لمطالب داخلية ترتقي برعاية شؤون الناس إلى الأفضل. والتقييم الصادر عن المجلس الأوروبي للشراكة من أجل الديمقراطية مع المغرب هو دليل التراتبية بين الأستاذ الذي يراقب والتلميذ الذي ينفذ ويتلقى التنويه والتنبيه، فلم يغفل التقرير في بدايته تذكير المغرب بأنه هو من طلب الحصول على وضع الشريك سنة 2011 وأنه بهذا أعلن تقاسمه لنفس القيم التي يدافع عنها المجلس الأوروبي وأنه قد أحيط علما بالتزاماته وأن عليه أن يقوم بإجراءات ملموسة لتقوية الديمقراطية ودولة القانون وحقوق الإنسان والحريات الأساسية بالمغرب، وأن سير الإصلاحات هو الهدف الأساسي لهذه الشراكة والمقياس لتقييم جدواها.


ثانيها، أن المغرب سائر في تغيير منظومته التشريعية لملائمة قوانينه مع كل الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي صادق عليها ومنها اتفاقيات حقوق الإنسان بغض النظر عن مخالفتها لأحكام الإسلام، وقد تحدى وزير العدل في هذا اليوم الدراسي الحضور بأن يأتوه باتفاقية لم تجد طريقها إلى مشروع مسودة القانون الجنائي.
ثالثها، أن حكومة الإسلام المعتدل أفضل خيار لتمرير هذه الإصلاحات بوتيرة متسارعة وأنها أقدمت على ما لم تقدم عليه الحكومات السابقة. وكما رأيناها تتعايش مع مهرجان موازين وتقر بأن له جمهوره ولهم حق الاستمتاع بخلاعتهم، فكذلك سنرى منها إن استمرت على نهجها هذا ولم تراجع نفسها أن يُرفع تجريم الشذوذ الجنسي والعلاقات غير الشرعية وتُراجع أنصبة الميراث ويُباح الإجهاض، وما تركيا أردوغان عنا ببعيد.


لهذا وجب التنبه أن هذه الإصلاحات باب شر يفتح، وأن السبيل للإصلاح والتقدم ليس ديمقراطية الغرب وإنما عين الصلاح والإصلاح هو التمسك بالإسلام قال تعالى: ﴿وَقَطَّعناهُم فِي الأَرضِ أُمَمًا مِنهُمُ الصّالِحونَ وَمِنهُم دونَ ذلِكَ وَبَلَوناهُم بِالحَسَناتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُم يَرجِعونَ * فَخَلَفَ مِن بَعدِهِم خَلفٌ وَرِثُوا الكِتابَ يَأخُذونَ عَرَضَ هـذَا الأَدنى وَيَقولونَ سَيُغفَرُ لَنا وَإِن يَأتِهِم عَرَضٌ مِثلُهُ يَأخُذوهُ أَلَم يُؤخَذ عَلَيهِم ميثاقُ الكِتابِ أَن لا يَقولوا عَلَى اللَّـهِ إِلَّا الحَقَّ وَدَرَسوا ما فيهِ وَالدّارُ الآخِرَةُ خَيرٌ لِلَّذينَ يَتَّقونَ أَفَلا تَعقِلونَ * وَالَّذينَ يُمَسِّكونَ بِالكِتابِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ إِنّا لا نُضيعُ أَجرَ المُصلِحينَ﴾.


فسبيل النهضة هو أن تقوم الدولة على أساس العقيدة الإسلامية خلافة راشدة على منهاج النبوة فترعى مصالح الناس وتُسَيِّر العلاقات بينهم بالإسلام.


لهذا ندعوكم أيها المسلمون فأجيبوا داعي الله.



كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
خليد جنان

     
25 من رمــضان 1436
الموافق 2015/07/12م
   
 
خبر وتعليق