الرئيسية \ اصدارات \ بيانات صحفية \ كلمة أم جهاد بندوة "الاعتقال السياسي بالمغرب"

كلمة أم جهاد بندوة "الاعتقال السياسي بالمغرب"

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمد الأمين وعلى اله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين

 

أيها الحضور الكريم،

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أما بعد،

يشرفني التواجد بينكم ومعكم في هذا الجمع المبارك للحديث عن الاعتقال السياسي بالمغرب.

سأتحدث لكم اليوم عن تجربتي الشخصية مع اعتقال زوجي تهامي نجيم العضو في حزب التحرير وصاحبه سعيد فؤايد، لأجيب عن سؤال: هل هناك اعتقال سياسي بالمغرب؟ وهل هناك معتقلون سياسيون بالمغرب؟

سؤال قد يراه البعض متجاوزا في مغربنا الجميل لأن الحِسَّ والجَسَّ ينطق بذلك، لكن البعض ما زال يبحث له عن جواب من خلال التدقيق في مفهوم الاعتقال السياسي وحصره ثم البحث والتنقيب إن كان من بين المعتقلين بالمغرب من يحق القول بشأنه أنه معتقل سياسي.

سأقدم شهادتي لتنضاف إلى عديد الشهادات التي تصرح وقائعها أن هناك اعتقال سياسي بالمغرب وأن العمل السياسي والتدخل بالشأن السياسي محظور إلا على من سلك الخطى المرسومة وبارك أفعال السلطة القائمة.

في 03/02/2012 أعتقل تهامي و سعيد من بيوتهم:

-        لم يخبروا بالتهمة الموجهة لهم ولا بحقهم في السكوت ولا في استدعاء محام كما ينص على ذلك دستور 2011

-        رجال الأمن كانوا بثياب مدنية ولم يدلوا بأي بطاقة تثبت هويتهم

-        فتشوا البيت دون إذن بتفتيش

 

من البداية خرق للقانون.

في 04/02/2012 : بلاغ من وزارة الداخلية يقول:

«في إطار الجهود المتواصلة التي تبذلها المصالح الأمنية لمحاربة التطرف تمكنت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، من تفكيك خلية تابعة لما يسمى حزب التحرير الإسلامي المصنف في خانة المنظمات التخريبية ذات البعد الدولي». ويضيف البلاغ «وقد قامت عناصر الخلية المفككة التي تتلقى دعما ماديا من طرف نشطاء تابعين لنفس التنظيم مقيمين بأوروبا، بترويج فكرها العدمي من خلال توزيع مجموعة من المناشير بعدد من المدن المغربية تشكك من خلالها في نجاعة المسار الديمقراطي وتحرض على إثارة الفتنة».

وقد حمل البلاغ التناقضات التي تدل على أن الجرم فكري سياسي تريد تحويله إلى جرم جنائي.

فهي تتحدث في بلاغ للرأي العام عن:

-        تفكيك خلية ... بما تستجلبه كلمة خلية من إيحاءات العنف والإرهاب

-        وتؤكد الإيحاء بوصف حزب التحرير بالمنظمة التخريبية. يقول محمد ضريف في حوار له بعد الاعتقال: "لكن، لابد من التأكيد على أن أدبيات الحزب لا تدعو إلى استعمال العنف" وفي نفس الحوار يقول "ولكن، هذا لا يعني أن حزب التحرير الإسلامي يدعو إلى العنف. ولم تثبت في أدبياته أن دعا إلى استعمال العنف." ويؤكد ذلك باتفاقه مع وزير العدل الحالي لما كان محاميا عن شباب حزب التحرير سنة 2006 من أن حزب التحرير سلمي بقوله "وأنا أيضا أشاطره نفس الرأي والتحليل. حزب التحرير الإسلامي يحرص في أدبياته التي يحترمها السهر على نبذ أي شكل من أشكال العنف"

فمن أين أتت الدولة بهذا الوصف ضاربة بعرض الحائط مسيرة 60 سنة من عمل الحزب وما يزيد عن 40 سنة من التواجد الفعلي للحزب بالمغرب لم يثبت فيها أنه خرب أو دمر.

لكن كما يقال حبل الكذب قصير فما كان بين التلفيق والحقيقة التي يدركها كل ذي عقل إلا فقرة، ليتضح الجرم وأدوات الجريمة، فالجرم هو:

-        ترويج فكر عدمي

-        والتشكيك في نجاعة المسار الديمقراطي

-        والتحريض على إثارة الفتنة

أما أداة الجريمة فهي : توزيع مجموعة من المناشير

إذن الصورة واضحة شباب كجل شباب المغرب، رجاله ونسائه، يرون أن الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي غير سوي، يتصلون بالناس يحدثونهم بهذا الشأن، يحللون معهم الواقع، يبحثون سوية عن العلاج، كل هذا في إطار فكري سياسي سلمي أداته القلم واللسان ... لكن الدولة لهم بالمرصاد أنتم عدميون، تخريبيون، محرضون على الفتنة مكانكم السجن.

هذه هي الحقيقة الناصعة

ما سيأتي بعد ذلك فملحقات الاعتقال السياسي من تلفيق التهم والمحاكمات الصورية والأحكام الجاهزة.

1- تلفيق التهم:

بعد التحقيقات بالفرقة الوطنية للشرطة القضائية أحيل المعتقلون على النيابة العامة وكانت المتابعة بالفقرة الأخيرة من الفصل 201 من ق.ج.م: الدعوة إلى مؤامرة لم تقبل. والمؤامرة هي ارتكاب اعتداء الغرض منه إما إثارة حرب أهلية بتسليح فريق من السكان أو دفعهم إلى التسلح ضد فريق آخر وإما بإحداث التخريب والتقتيل والنهب في دوار أو منطقة أو أكثر.

وأيضا بالفصل 206 من ق.ج.م: تسلم هبات لتسيير أو تمويل نشاط أو دعاية من شأنها المساس بوحدة المملكة المغربية أو سيادتها أو استقلالها أو زعزعة ولاء المواطنين للدولة المغربية ولمؤسسات الشعب المغربي.

والغريب أن الفصل 201 لا أحد من المعتقلين حقق معه بشأنه ومحاضر الضابطة القضائية على علاتها شاهدة بذلك، كيف أُسقطت؟ لما أُقحمت؟ إنها تهمة ثقيلة تهديد السلم الداخلي بالدعوة لمؤامرة تهدف إلى إثارة حرب أهلية بتسليح فئة من الناس ضد فئة أخرى بغرض التقتيل والتخريب والنهب بدون أدنى حجة ودليل. وربما لِعِلم من أقحم التهمة بذلك فقد عيَّن المتابعة بالفقرة الأخيرة من الفصل التي تنص على أن الدعوة صدرت من المتهم لكنها لم تقبل منه، أما متى صدرت؟ وأين صدرت؟ ولمن صدرت؟ وأين من رفض؟ فهذا لا مكان له في عرف الاعتقال السياسي.

أما الفصل 206 فإن سعيد فؤايد لا علاقة له بأي مبالغ مالية ولم يرد أنه تسلم أي مبلغ مالي من أي جهة أو استفاد منه ومع ذلك توبع بهذا الفصل، أما عن زوجي تهامي نجيم فالأموال التي كان يتلقاها من الخارج لم تكن سوى أجرته عن عمله كمهندس معلوميات يعمل بالبرمجة لصالح شركات أجنبية. ومما يؤكد ويدلل على أن أموال زوجي لا علاقة لها بأي تمويل أجنبي أن قاضي التحقيق طلب إنابة قضائية من السلطات الدنمركية وهي الإنابة التي كانت ستكشف حقيقة أموال زوجي ومصدرها لكن بعد أربعة أشهر من الاعتقال الاحتياطي والانتظار نكتشف أن قاضي التحقيق استغنى عن الإنابة القضائية.

2- المحاكمات الصورية والأحكام الجاهزة:

ففي المرحلة الابتدائية وبعد عدة جلسات وفي جلسة النطق بالحكم وبعد أكثر من أربعة ساعات من المرافعات، رُفِعت الجلسة للمداولة. أتدرون كم كانت مدة المداولة؟ 5 دقائق، فهل كانت 5 دقائق كافية للتداول بالملف أم أن الأمر مقضي بشأنه لا ينتظر إلا الإعلان؟

لكن كيفما كان الحال فقد أسقطت المحكمة المتابعة بالفصل 201 وبرأت المتهمين وحزب التحرير من التخريب وكانت المتابعة بالفصل206. وكان الحكم بـ 10 أشهر سجنا نافدة مع الغرامة.

وفي مرحلة الاستئناف كان هناك تصريح مفيد للقضية وهو ما نقلته جريدة المساء من اعتراف وزارة العدل بأن تهامي نجيم وسعيد فؤايد معتقلان سياسيان. فأمَّلنا أن ينطق القاضي ببراءة المتهمين لكنه أعاد القضية لنقطة الصفر وأدان تهامي وسعيد بالفصلين معا 201 و206 فرفع الأحكام إلى سنة ونصف مع الغرامة. ولا غرابة فبعد مدة قليلة ثار الناس على القاضي وتظاهروا بالمحكمة احتجاجا عليه لعدم نزاهته كما نقلت ذلك جريدة الصباح.

فالقضاء غير النزيه سبب من أسباب استمرار الاعتقالات السياسية.

ماذا بعد الحكم؟

طبعا لا وجهة يمكن أن يتوجه لها من ظُلم لاسترجاع حقه ضمن أجهزة الدولة بَدْءاً بوزارة العدل ثم المجلس الوطني لحقوق الإنسان أو ما يسمى بالوسيط أو غيرها فسياستهم الممارسة يلخصها المثل المغربي " ما تخصر خاطر ما تقضي غرض". فحسبنا الله ونعم الوكيل.

الملف الآن أمام المجلس الأعلى للقضاء ومشاركتي هذه رسالة له أيضا لينصف معتقلين سياسيين مظلومين باعتراف وزارة العدل.

هذه بإيجاز قضية تهامي نجيم وسعيد فؤايد وهي قضية سياسية بامتياز وليس قضية جنائية.

وتجيب على سؤالنا بأن بالمغرب معتقلون سياسيون.

فحزب التحرير حزب سياسي مبدؤه الإسلام، يدعو إلى استئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة، وعد الله وبشرى رسوله عليه السلام، وقد أعد دستورا للدولة الإسلامية القادمة، ووضع أنظمة للدولة من نظام اقتصادي واجتماعي وحكم وتعليم... مستنبطة من كتاب الله وسنة نبيه باجتهاد صحيح. والحزب يعمل بين المسلمين ومعهم سافرا متحديا، وداعيا العالم إلى تطبيق شرع ربنا، بالكلمة الطيبة واللسان الصادق. وهو يحذر المسلمين من المكائد التي تُحاك ضدهم من الكفار المستعمرين وأعوانهم في الأنظمة، ويدعو إلى الوحدة وإزالة الحواجز بين البلدان الإسلامية.

والحزب يرى أنّ اليهود مغتصبون للأرض المباركة، فلا شرعية لهم ولا اعتراف بكيانهم، ويتعامل مع الأمريكان والغرب على أنّهم مستعمرون لبلادنا الإسلامية، عسكريا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا.

وهو في هذا كله يسير بطريقة الرسول عليه الصلاة والسلام بمكة، فيثقف المجتمع بأفكار ومفاهيم الإسلام ويصارع الأفكار والمفاهيم المغلوطة ويكافح سياسيا الحكام الجائرين. فحزب هذا فكره وهذه طريقته، هل هناك أحدٌ من المسلمين لا يقبل به، وبفكره وبغايته؟!!

لهذا تكيل الدولة له التهم لتصرف عنه الناس وتعتقل شبابه لتكسر عزيمتهم وتكمم أفواههم، لكنها غفلت عن قراءة كتاب التاريخ فالدول ما دامت إلا بالعدل وحسن الرعاية وما اندثرت إلا لظلمها وسوء رعايتها.

نسأل الله عز وجل ان يظلنا بدولة الإسلام الراشدة وعد ربنا وبشرى نبينا وأن يجعلنا من العاملين المخلصين لتحقيقها ومن جندها الصالحين ومن رعاياها الهانئين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

أم جهاد

 

10 شوال 1434 هـ

الموافق 17/08/2013

 

 

 

 

 

 

 

 

التعليقات

بيانات