الرئيسية \ اصدارات \ مقالات \ الوهم القاتل

بسم الله الرحمن الرحيم

الوهم القاتل

 

تتوهم حكومة العدالة والتنمية في المغرب أنها قادرة على التغيير تحت مظلة نظام علماني فاسد رأسمالي عفن، وهذا الوهم هو نفسه الذي عاشته حركة الإخوان المسلمين في مصر حين حسبوا أنه بإمكانهم ليس فقط الوصول إلى الحكومة بل إلى قمة هرم الدولة أي إلى الرئاسة، وظنوا أنهم قادرون على التغيير مع الإبقاء على النظام العلماني الرأسمالي العفن، فكان ما كان من جراء ذلك الوهم القاتل. والأمر نفسه يقال عن حكومة غزة التي ظنت أنها قادرة على فعل شيء تحت مظلة الشرعية الدولية الغاصبة، والقانون الدولي الجائر، فكان ما كان من حصار وتجويع حتى اضطروا إلى التخلي عن الجهاد، الهدف الأساسي الذي تأسست حركة حماس من أجله!

إن المتابع لتصرفات حزب العدالة والتنمية يرى أن الحزب للأسف قد تقمص جيداً الدور الذي أسند إليه، وصدّق أنه هو "الحزب الحاكم" الذي يفكر ويقدر، فانطلق بكل نشاط يتبنى القرارات "المؤلمة" التي كان أسلافه يؤجلونها ويتحرجون من اتخاذها، وأخذ على عاتقه تبريرها، بل وتصويرها ليس على أساس أنها قرارات المضطر، بل على أنها قرارات في مصلحة الشعب. فهل يعقل أن يكون رفع أسعار البنزين والكهرباء والحليب في مصلحة شعب لا يكاد يجد قوت يومه؟ من يمكن أن يصدق هذا؟

إن مصيبة حكومة العدالة والتنمية أنها واقعة تحت تأثير وهم يقول: إن التغيير ممكن في ظل النظام القائم، وأن الحكمة تقتضي منها مسايرته والاستفادة من الهوامش التي يمنحها لها واستغلالها لإيجاد تغيير نسبي ناعم يتوسع شيئاً فشيئاً إلى أن يشمل كل المجالات.

إن هذه النظرة تنمّ عن سذاجة منقطعة النظير، فلا يوجد نظام يمكن أن يسمح لخصمه أن يكبر شيئاً فشيئاً تحت نظره حتى يسحب البساط من تحت قدميه، والأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصى من الجزائر إلى فلسطين والصومال ثم مصر مؤخراً.

أما آن لحزب العدالة والتنمية أن يصحو من غفلته ويتخلص من مفعول المخدر الذي ألم به، ويفهم أنه إنما جيء به إلى الحكم لغرض معين (هو تهدئة الحراك الذي شهده الشارع بعد 20 فبراير)، وأن هذا الغرض أوشك أن يُقضى، وأن أيامه في الحكم باتت إذن معدودة، وسيُخرج من الحكم مذموماً مدحوراً منسوباً إليه كل تلك القرارات سيئة الذكر، إضافة إلى كل المخازي التي ارتكبت في عهده.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

بلال عبد الله / المغرب


05 من دي الحجة 1434 هـ

الموافق 2013/10/10 م


التعليقات