الرئيسية \ اصدارات \ خبر وتعليق \ أما آن لهذا الانحدار أن يتوقف؟

بسم الله الرحمن الرحيم

خبر وتعليق

أما آن لهذا الانحدار أن يتوقف؟

الخبر:

كشف تقرير مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية العالمية يوم 03/12/2013 أن المغرب بات يحتل الرتبة 91 عالمياً في مؤشر الفساد العالمي (177 دولة)، ما جعل منظمة الشفافية العالمية تضعه في خانة الدول الأكثر فساداً في العالم إلى جانب إثيوبيا والجزائر وجيبوتي ودول أخرى تحسب على تلك الأكثر فشلاً. كما حصل المغرب على معدل 37 على 100 على سلم الدول الأكثر فساداً، ما جعله يحتل مرتبة جد متدنية حسب معايير المنظمة. يشار إلى أن المغرب كان يحتل المرتبة 88 قبل سنة، والمرتبة 80 قبل سنتين. أي أن المغرب تراجع 11 درجة في سنتين.

وقد اعترف رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران في المجلس الحكومي المنعقد يوم 05/12/2013 بأن البلاد "لم تحقق التقدم المرجو في مجال محاربة الرشوة مثلما تقدمت في المجالات الأخرى"

 

التعليق:

رغم إطلاق الحكومة قبل سنة لحملة إعلانية للتوعية ضد الرشوة ورغم إقرارها للإستراتيجية الوطنية لمحاربة الرشوة التي تمتد إلى غاية 2016 فإن المغرب ينحدر من سيء إلى أسوأ باعتراف السيد بنكيران الذي يريد محاربة الفساد بإقرار سياسة الإفلات من العقاب "عفا الله عما سلف"، ويريد محاربة الرشوة بوصلات إعلانية سطحية لم تستوعب كل أنواع الرشوة وخاطبت المواطن البسيط بخطاب لم يربط سلوكه بعقيدته الإسلامية؛ فما بينت حكم الرشوة ولا حذرت الراشي والمرتشي والواسطة بينهما عذاب الله وسخطه. فكان أن هوى المغرب في سلم الانحطاط دركات.

وبخلاف ما اعترف به بنكيران فإنه لم يبق ميدان لم نتراجع فيه ولم ينخره الفساد والإهمال وسوء الإدارة. إن وضع بلادنا هو بحق مؤسف حزين.

على المستوى السياسي: لقد خيبت الحكومة كل آمال الشعب الذي طمع بعد انطلاق أحداث الربيع العربي في إمكانية حدوث تغيير حقيقي، لقد استمرت الأوضاع كما كانت عليه دوماً، حكومة ضعيفة يسيرها القصر من خلف ستار وغالباً بلا ستار. الحزب "الإسلامي" لَحَسَ كلَّ وعوده بمحاربة الفساد، وأصبح يؤيد كل ما كان يحاربه من مهرجانات العري والتبذير حين كان في المعارضة. تفاهة سياسية تجعل حزباً ينسحب من الحكومة ويوجد أزمة سياسية دون أن يفهم أحدٌ لماذا، وانتهازية سياسية بغيضة تزجّ بحزب آخر فيها وقد قامت الحجة الدامغة على تورط رئيسه في فضيحة فساد مالي. وباقي الأحزاب تعارض فقط من أجل المعارضة دون أي مشروع سياسي، تتحين الفرصة للانقضاض على السلطة من جديد إن حالفها الحظ ونالت رضا القصر.

على المستوى الاقتصادي: على الرغم من كل مزاعم الحكومة من أن المغرب لم يتأثر بالأزمة الاقتصادية العالمية، فإن الواقع يؤكد عكس ذلك تماماً، فلا حديث للناس إلا عن الكساد والتوقف شبه الكامل لعجلة الاقتصاد. تشير الإحصائيات الرسمية أن ما لا يقل عن 15% من سكان المغرب (5 مليون شخص) يعيشون تحت خط الفقر، و25% من السكان (8 مليون شخص) يعيشون على حافة الفقر، و50% ممن يعيشون فوق خط الفقر (4 مليون شخص) يعتبرون في وضع هشٍّ اقتصادياً، أي أنهم يوشكون أن يقعوا دون خط الفقر لأدنى سبب. إن الكل يعلم أن ما وراء بعض المظاهر البراقة في المدن الكبرى، يكمن واقعٌ مزرٍ من الفقر والحرمان، وأن الابتعاد قليلاً عن محيط هذه المدن يُريك المغربَ الحقيقيَّ، حيث لا طُرُق ولا تجهيزات ولا مرافق، حيث يموت الناس من البرد والإهمال وقلة الرعاية الصحية. إن الانتقال إلى هذه المناطق أقرب إلى ركوب آلة السفر في الزمان للرجوع عقوداً إلى الوراء. في الوقت نفسه تستمر اللوبيات نفسها في نهب البلاد والاستئثار بالخيرات وتكديس الثروات.

على المستوى الأمني: لا حديث للناس ولا للإعلام إلا عن تفشي الجريمة وإبداع المجرمين المتجدد في أساليب الاعتداء على المواطنين وترهيبهم (تثبت الإحصاءات الرسمية تنامي جرائم الاعتداءات الجسدية بمعدل حوالي 7% سنوياً)، لقد أصبحت الاعتداءات على الناس في واضحة النهار شيئاً معتاداً، بل وأصبحت أخبار استعمال السيوف في هذه الاعتداءات من خبزنا اليومي!

على المستوى الاجتماعي: لا يخفى على أحد السمعة السيئة التي أصبحت تلاحق بلدنا بوصفه وجهة مفضلة للسياحة الجنسية، فبناتنا بل وذكورنا، البالغون والقُصَّر، أصبحوا معروضين للبيع داخل وخارج المغرب، تحت سمع وبصر الأجهزة الأمنية التي تكتفي في أحسن الأحوال بتهجير المعتدين دون أي عقوبة.

هذا دون الحديث عن الوضع المزري لقطاعات التعليم والصحة والقضاء... التي تعج بالفساد والإهمال.

إن المسألة ليست اتهاماً للجميع بقلة الكفاءة أو الفساد، فالكل يعلم أن المخلصين المتفانين موجودون ولكنهم قلة مُبعَدة عن مراكز القرار. كما أن المسألة ليست نظرة سوداوية متشائمة للأوضاع، بقدر ما هي تشخيص للأوضاع كما هي لا كما نتمنى أن تكون.

أما الحل، فإننا لن نتردد في ترديد أنه يكمن في نبذ هذه الشرائع الوضعية الفاسدة التي أورثتنا الضعف والهوان، وتطبيق شرع الله، ليس بالصيغة "المعتدلة" التي ترضي الغرب وأتباعه، ولكن صافياً نقياً كما نزل على محمد صلى الله عليه وسلم، بالشكل الذي يرضي الله ورسوله، فيرفع عنا الله تعالى هذا الضنك الذي نعيشه ويفتح علينا بركات السماء والأرض.

أما كيف يكون تطبيق شرع الله، فبمبايعة خليفة راشد على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله، ولهذا يعمل حزب التحرير منذ عقود، ويدعوكم للمسارعة للعمل معه لإقامة فرض الفرائض الخلافة لعل الله يكتب لكم نصيباً من هذا الخير العميم.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

محمد عبد الله


07 من صفر 1435
الموافق 2013/12/10م

خبر وتعليق