الرئيسية \ اصدارات \ كتب \ مقـدمـة الدسـتـور أو الأسـباب المـوجبة له القسـم الثاني

مقـدمـة الدسـتـور أو الأسـباب المـوجبة له القسـم الثاني


 

المادة 123: سياسة الاقتصاد هي النظرة إلى ما يجب أن يكون عليه المجتمع عند النظرة إلى إشباع الحاجات فيجعل ما يجب أن يكون عليه المجتمع أساساً لإشباع الحاجات.

هذه المادة مستنبطة من عدة أدلة، والحكم الشرعي كما يستنبط من دليل واحد يستنبط كذلك من عدة أدلة. فهي مستنبطة من تحديد ملكية الأشياء بكيفية مخصوصة، ومن تحديد أسباب الملك بأسباب معينة، ومن تحديد تنمية الملك بكيفية معينة، ومن تحريم بعض الأشياء وبعض الأعمال. فأدلة هذه الأمور الأربعة تستنبط منها سياسة الاقتصاد.

dustoorPart2

 

 

 

وسياسة الاقتصاد التي استُنبطت من هذه الأدلة هي أن النظرة إلى الثروة من حيث كونها تشبع حاجة يجب أن تكون مقرونة بالحكم الشرعي في هذه الثروة ومبنية عليه. فيعتبر القمح من الثروة والعسل من الثروة لأن الله أباح كلاً منهما، ولا يعتبر الحشيش من الثروة ولا الخمر من الثروة لأن الله حرم كلاً منهما، ويعتبر المال الذي يشترى والمال الذي يؤخذ أجرة من الثروة لأن الشرع أباح كسبه في كل من هاتين الحالتين، ولا يعتبر المال المسروق ولا المال الذي يكسب بعقد باطل من الثروة لأن الشرع حرم كلاً منهما. فالحكم الشرعي يجب أن ينظر إليه عند النظرة إلى إشباع الحاجات، ويجب أن يكون هو الأساس للنظرة إلى كون الثروة تشبع حاجة، أي الأساس الذي يجري عليه إنتاج الثروة واستهلاكها. وهذا هو معنى ما جاء في المادة من أن سياسة الاقتصاد هي النظرة إلى ما يجب أن يكون عليه المجتمع عند النظرة إلى إشباع الحاجات. إذ ما يجب أن يكون عليه المجتمع، أي ما يجب أن تكون عليه العلاقات بين الناس هو تقيد هذه العلاقات بالأحكام الشرعية وسيرها بحسبها. فيجب أن تكون النظرة إلى ما يجب أن يكون عليه المجتمع أي إلى تقيده بالأحكام الشرعية موجودة عند النظرة إلى إشباع الحاجات، سواء بإنتاج الثروة أم باستهلاكها، بحيث تكون مقرونة بها ومبنية عليها. فالأصل في الثروة في نظام الإسلام حتى تعتبر مادة اقتصادية يصح إنتاجها، ويصح استهلاكها، هو ما يجب أن يكون عليه المجتمع، أي هو تقيد العلاقات بين الناس بالحكم الشرعي. وعلى أساسه ينظر إليها من ...


 

اقرأ في هذا الكتاب: بداية الكتاب ينهَضُ الإنسانُ بما عندَهُ مِن فكرٍ عَنِ الحياةِ والكونِ والإنسانِ، وَعَن عَلاقَتِهَا جميعِها بما قبلَ الحياةِ الدُنيا وما بعدَها. فكانَ لا بُدَّ مِن تغييرِ فكرِ الإنسانِ الحاضرِ تغييراً أساسياً شاملاً، وإيجادِ فكرٍ آخرَ لَهُ حتّى ينهَضَ، لأَنَّ الفكرَ هو الذي يوجِدُ المفاهيمَ عنِ الأشياءِ، ويركِّزُ هذِهِ المفاهيمَ. والإنسانُ يُكَيِّفُ سلوكَهُ ِفي الحياةِ بِحَسَبِ مفاهيمِهِ عَنْهَا، فمفاهيمُ الإنسانِ عَنْ شخصٍ يُحِبُّهُ تُكيِّفُ سلوكَه نَحْوَه، على النَّقِيضِ مِنْ سلوكِهِ مَعَ شَخْصٍ يُبغِضُهُ وعندَهُ مفاهيمُ البُغْضِ عَنْهُ، وعلى خِلافِ سلوكِهِ مع شخصٍ لا يعرفُهُ ولا يُوجَدُ لَدَيْهِ أيُّ مفهومٍ عَنْه، فالسلوكُ الإنسانيُّ مربوطٌ بمفاهيمِ الإنسانِ، وعندَ إرادتِنَا أَنْ نغيِّرَ سلوكَ الإنسانِ المنخفِضِ ونجعلَهُ سلوكاً راقياً لابدَّ مِنْ أَنْ نغيِّرَ مفهومَهُ أَوَّلاً: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ }

 

التعليقات

يافطة الكتب