الرئيسية \ اصدارات \ نشرات \ عام جديد يبعدنا عن سقوط الخلافة العثمانية...ويقربنا من الخلافة الراشدة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم

عام جديد يبعدنا عن سقوط الخلافة العثمانية...

ويقربنا من الخلافة الراشدة الثانية

عام جديد يمر على سقوط الخلافة، المصاب الجلل الذي منيت به الأمة وأبناؤها غافلون، عام جديد يمر على المسلمين وهم دون دولة ولا إمام يحمي أعراضهم ويذب عنهم أسياف الكفار، عام جديد يمر على المسلمين ودماؤهم تُسفك، ليلاً ونهاراً، غرباً وشرقاً، ولا من رجلٍ صالحٍ يزأر فتردد جنبات الدنيا زئيره، ويلقي الرعب في قلوب الظالمين فيكفوا أيديهم عنا...عام جديد يمر وحدود سايكس بيكو ودساتيره تحول بين أن ينصر المسلم أخاه.

لكن الذكرى تمر هذا العام بنكهةٍ جديدةٍ، وطعم متغير، تمر ونحن نشتَمّ نسائم الخلافة تملأ الأجواء، وندرك أن قطار الثورات العربية الذي انطلق من تونس عبر مصر وليبيا واليمن، لا بد واصلٌ إلى محطته الأخيرة، محطة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، وإن كان هذا القطار يطحن عظام أبنائنا وأهلينا في الشام اليوم، فإننا نحتسبهم عند الله، وندرك أن للتغيير ضريبة باهظة، وأن عظم قيمة السلعة يبرر ارتفاع الثمن، وإنا لنسأل الله أن يلطف بنا ويهيئ لنا من أبناء الأمة من يختصر العذابات ويعجل لنا بالخلاص من نظام بشار المجرم.

تمر هذه الذكرى، ونحن ندرك أن الأمة كلها تغلي، بما في ذلك أبناؤنا في الأقطار التي لم يصلها قطار الثورات بعد، فالمسلمون كلهم قد ملوا من حكامهم وأنظمتهم وأضحوا مقتنعين تماماً أن إصلاحهم لم يعد ممكناً، وإن الكلام عن ذلك قد أصبح عواره مكشوفاً للكل، ففساد الأنظمة أصبح ظاهراً للعيان، ولم يعد أحد يصدق كذبة أن الحاكم صالح وأن الفساد آتٍ من الدائرة المحيطة به كما يحلو لأبواق الأنظمة أن يشيعوا، بل أصبحت كل الأصابع تشير بكل جرأة وسفور إن الحاكم أو الرئيس أو الملك هو بعينه سبب الفساد وأسه ومحركه وحاميه والمستفيد الأول منه.

تمر هذه الذكرى ومسلسل سقوط الأقنعة متواصل، حيث تتوالى فضائح التنظيمات والأحزاب والشخصيات المنافقة التي دلست على الناس سنين، ولبست لبوس الإسلام لتخدع الناس، فلما وصلت، أو بالأحرى، أُوصِلت إلى الحكم، فإذا بها أكثر خطرًا من الحكام السابقين، لم تكتف بالسير على نفس طريقهم، بل أصبحت تبرر عدم الحكم بما أنزل الله، وتبرر كل مساوئ من سبقوها بدعوى الوسطية والاعتدال وعدم استعداء العالم.

تمر هذه الذكرى وأبناء الأمة يزدادون وعياً يوماً بعد يوم، أن خلاصهم في الإسلام؛ الإسلام وحده، عقيدة وشريعة، ديناً ينظم علاقة الإنسان بخالقه، وقوانين تنظم علاقات الناس بعضهم ببعض، وأن الأنظمة الوطنية والديمقراطية هي جزءٌ من المرض وليست جزءً من العلاج فضلاً أن تكون هي العلاج ذاته، وها هي رايات العقاب رمز الخلافة والحكم بالإسلام، تكاد لا تخلو منها مظاهرة، بعد أن كانت نسياً منسياً لا يرفعها إلا شباب حزب التحرير.

تمر هذه الذكرى والمسلمون يزداد شوقهم لأن يحكموا بالإسلام، فما أن ينحسر نفوذ الدولة المركزية العلمانية عن بقعة ما، حتى تسارع الحركات الإسلامية لملء الفراغ فترتفع فوق تلك البقعة رايات الإسلام ويعلن عن سريان أحكام الشرع فيها، من أفغانستان إلى العراق، إلى الصومال واليمن ثم مالي، والبقية تأتي...

تمر هذه الذكرى وقد أصبح قرب قيام الخلافة حقيقة لا يماري فيها إلا معاند، فمفكرو الغرب والشرق وسياسيوهم وفلاسفتهم ومخططوهم الإستراتيجيون كلهم يجمعون أنها مسألة وقت فقط، وأن أحداث الشام بالذات توشك أن تسفر عن قيام دولة إسلامية ستسارع لضم دول الجوار لإنشاء دولة إسلامية عظمى، لا تضع حدّاً لنفوذ الغرب في بلاد المسلمين فحسب، بل وتغزوهم في عقر ديارهم لتفتحها وتضمها إلى ديار الإسلام،...

ونحن هنا في أقصى بلاد المغرب الإسلامي، نعيش كل هذه الأعراض، وإن كان يبدو على السطح أن النظام نجح في احتواء موجة المظاهرات التي بدأت في 20 فبراير/شباط 2011، بمسرحية تعديل الدستور ومن ثم إيصال الحركة الإسلامية للحكم، فإن أبسط مراقب يدرك تماماً أن النار تغلي تحت الرماد، وأن مشاعر الغضب والحنق تتأجج في النفوس، وأن الشعب قد غسل أيديه من النظام بكامل فروعه: القصر وأتباعه الغارقين في الفساد والنهب والاستحواذ على كل شيء، والحكومة الممثلة بحزب العدالة والتنمية التي تحولت إلى بوق رخيص للنظام مقابل لا شيء، وما يسمى المعارضة التي لا تمثل إلا نفسها ولا يهمها إلا كيفية الرجوع إلى ما فقدته من كراسي الوزارات كي تستأنف العمل الوحيد الذي تحسنه وهو النهب.

إن كافة الناس يرون اليوم كيف يستمر النظام في نهج نفس السياسة المبنية على نهب المال العام وحماية الفاسدين وإطلاق العنان لأنشطة الإفساد الأخلاقي والفكري، والتضييق على المعارضين والتنكيل بهم، وقد رأى الناس جميعا كيف تراجعت الحكومة الحالية عن معظم وعودها الانتخابية، فلم توقف مسلسل النهب الذي يقوده رأس الهرم عبر الأذرع المتعددة لشركاته الأخطبوطية، ولم توقف الحكومة فاسداً واحداً من أباطرة النهب الذين يعرفهم القاصي والداني، ولم توقف أياً من مهرجانات العهر التي كانت تملأ الدنيا ضجيجاً حولها عندما كانت في المعارضة، وأقرت الحكومة الزيادة في المحروقات للتخفيف عما يسمى صندوق المقاصة بالرغم من أن كل مبصر أصبح يعلم أن ميزانيته تذهب لدعم الشركات الكبرى المتخمة بالأرباح، ورفضت الحكومة إعادة التحقيق في التجاوزات التي عرفتها محاكمات ما بعد أحداث 16 ماي والتي أسفرت عن اعتقال الآلاف ممن يسمون سجناء "السلفية الجهادية"، وها هي تواصل محاولتها كم أفواه المخلصين من أبناء الأمة بإطلاق الأحكام الجائرة ضد حملة الدعوة من شباب حزب التحرير في قضية مختلقة مفبركة لا تملك الدولة فيها أي دليل يمكن أن يعتبر شاهد إدانة.

إن القصر وأتباعه قد غرَّهم ما وجدوه من مسايرة حفنة من السياسيين الجبناء الانتهازيين، وقبولهم أن يكونوا أبواقا له، وتروساً يحتمي بها من غضب أبناء شعبه، كما غرهم ما رأوه من تراجع وتيرة المظاهرات، فظنوا أن العاصفة قد مرت بسلام، وأن الحيلة قد انطلت على الناس، فعادوا إلى ما كانوا فيه من ظلم وجبروت، وكأن شيئاً لم يكن.

لكننا نقول ونحذر، ونوجه كلامنا إلى كل عاقل غيور، إن الجمر يستعر تحت الرماد، وإن الطوفان القادم قد أصبح على الأبواب، لا ينقصه إلا شرارة تنطلق من هنا أو هناك حتى ينطلق مزمجراً، حينذاك لن ينفع النظام تلك التروس التي يحاول أن يتتـرَّس بها، ولن ينفعه قادة جيشه الذين أعطاهم الحصانة القانونية ليطلق أيديهم في قتل المنتفضين، وسيعرف الشعب كيف يصل إلى كل من ظلمه ونهب ماله. وسيدركون أن لا عاصم اليوم من أمر الله.

نعم، إنا لنجزم أن الأمر قريب، وإن الأمة قد أصبحت تعرف طريقها، وقد هيأت للأمر ما يلزمه، فبدأت باستئصال الخوف من صدور أبنائها حتى لا يثنيهم شيء عن بلوغ ما يريدونه، ثم تأكدت أن النصر من عند الله وحده فعزمت ألا تتوكل إلا عليه.

نعم، إن الأمر قريب لا ينقصه إلا أن يتولى زمام الأمر أهله، وهم اليوم عازمون على ذلك، مقبلون عليه، وهم قادرون على ذلك بإذن الله وتوفيقه.وإنا لندعوكم أيها المسلمون الطيبون من أبناء هذا البلد الطيب أن تعملوا معنا لإعادة عزتنا وعزتكم ووحدة أمتكم ومجدها بالعمل لتحكيم شرع ربنا كاملا في دولة خلافة راشدة ثانية على منهاج النبوة.

((فاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا * إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا)).

29 رجب الحرام 1433هــ .                     حزب التحرير

19/6/2012.                                المغرب

 

التعليقات

نشرات