قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ”، وقال صلى الله عليه و سلم: “سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْـمُطَّلِبِ وَرَجُلٌ قَامَ إِلَى إِمَامٍ جَائِرٍ فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ فَقَتَلَهُ”، و”كلمة الحق” هي القول والعمل لإسقاط حكام الكفر والجور وإسقاط أنظمتهم الظالمة، و”كلمة الحق” اليوم هي الدعوة الصريحة لإقامة الإسلام عقيدةً وأحكاماً في حياة المجتمع من جديد، ولا يتحقق هذا إلا بقيام الخلافة الراشدة ونصب الخليفة العادل؛ لأن المبادئ الأخرى قد ظهر جورها وفسادها. والعالم كله ومنه البلاد الإسلامية تعرّض لأزمات شديدة، وهو يتخبط في البحث عن طريق الخلاص من هذه الأزمات. وإقامة الخلافة الراشدة ونصب الخليفة العادل فرض على المسلمين كافة، وهذا هو الأمر الذي يضمن لهم العزة في الدنيا والسعادة في الآخرة، كما إنه يعالج مشاكل العالم كلِّه بشكل دقيق، ويضمن الأمن والطمأنينة للناس كلهم، قال تعالى: { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } وقال:{ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ }.
منذ سنة ١٩٥٣م أخذ حزب التحرير يدعو لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة الراشدة، واجتاز الحزب الطريق الطويل الشاق، وواجه رياحاً عاصفة وصعوباتٍ شديدة، وقدّم تضحياتٍ كبيرةً وشهداء كثيرين. والحمد لله لقد أثمرت كلمة الحق التي أعلنها الحزب وعمل لها، وبإذن الله قد آن وقت حصادها، ونحن نترقّب حصول نصر الله العاجل والخلافةَ الراشدة والخليفةَ العادل وقد صارت الأمور واضحةً أمام الناس، وتوجهت الأمة الإسلامية إلى النهضة وعرفت صديقها وعدوها. وها هو الغرب الكافر في أوروبا وأمريكا بالتعاون مع روسيا والصين يحرصون كل الحرص على بذل جهودهم واستخدام مكرهم ليصرفوا الأمة عن توجّهها هذا وإبعادها عن إقامة نظام الإسلام والخلافة الراشدة إلى اتجاه آخر، وهم يرضون بكل الشروط التي تحول دون قيام الخلافة على منهاج النبوة، ويرضون بأن يأتي الإخوان المسلمون إلى الحكم. ويعطون (الطالبان) الحكم وإقامة دولة إسلامية اسماً، ولكنها لا تقوم على العقيدة الإسلامية. ونحن ندرك يقيناً أنهم لا يستطيعون أن يحولوا دون قيام الخلافة على منهاج النبوة، وهم كذلك يدركون، ولكنهم يسعون لتأخير تلك اللحظة، لحظة قيام دولة الخلافة.
والأمة الإسلامية اليوم أكثر من 1,5 مليار مسلم، وهي أمة واحدة وجسد واحد وما دامت النهضة والوعي السياسي الحقيقي قد سَرَيا في جزء أو أجزاء من هذا الجسد فإنه حتما سيصل إليها كلها. ومسلمو طاجيكستان هم جزء لا يتجزأ من هذه الأمة، وهم أيضا بفضل الله وعونه قد بدأوا يرفعون صوت اعتراضهم ضدّ ظلم الدكتاتور الجائر ومتملّقيه المجرمين، وضدّ جورهم وإنّ غضب أهل طاجيكستان سيرمي هذه الحكومة الظالمة في مزبلة التاريخ بإذن الله. إنّ عجز هذا النظام عن حل مشاكل الناس، وهجومه الشنيع على الإسلام والمسلمين، وكونه يهتمّ بمنصبه ومصالحه الشخصية فقط قد أصبح واضحا لجميع طبقات المجتمع وفئاته منذ زمن. وكل القوانين والقرارات التي يسنّونها تصدّق ما قيل آنفا مرة أخرى: منع الحجاب (الخمار والجلباب الشرعي)، وإغلاق المساجد، منع الناشئين والنساء من الذهاب إلى المسجد، ومعاقبة الملتحين، ومنع تعليم العلوم الشرعية، وحتى تعليم الناشئين آداب الطهارة والصلاة، ومعاقبة من يعمل على ترغيب تعليم الأحكام الإسلامية، ومنع الأذان عبر مكبرات الصوت، ومعاقبة حَمَلة الدعوة، رجالاً ونساءً، وتعذيبهم الوحشي وسجنهم إلى آجال طويلة، وجعل جميع فروع الاقتصاد والتجارة تحت احتكاره، وجباية الضرائب التي تكسر الأعناق من المصانع وغيرها حتى وصلت إلى ٨٤ في المائة من الربح، ونقص الخدمة المعيشية وغلاءها،... وما هذه كلها إلا قطرة من ظلم الحكام الرويبضات للبلاد وجورهم، وواضح أيضا أن الناس لا يثقون بالحكام قدر ذرة قطّ. وللتأكّد من صدق هذا الكلام يكفي أن يُستَمع إلى كلام الناس في الأسواق والشوارع ووسائل المواصلات العامة والمساجد... وقد بلغ الاعتراض والسخط إلى درجة الانفجار حتى في الوزارات والمؤسسات ومشاريع الدولة وبين النخبة السياسية للبلاد، وبإذن الله فإن الرئيس الدكتاتور وعصابته المجرمة يمضون آخر أيام حكمهم.
نعم، لقد بلغت موجة اعتراضات العامة أعلى درجاتها؛ نعم، الأمة لا تثق بالحكام مرة أخرى، نعم، الحكام الرويبضات في طاجيكستان يخافون من عامة الناس واتضح لكل صغير وكبير عجزهم وعدم أهليتهم أمام قوى العامة وقدرتها. والحوادث الأخيرة في ولاية الـ(بدخشان الجبلية) هي مثال واضح لعجز النظام الفاسد وخوفه. نعم، والأمر هكذا... لأن تفكير الناس في البلاد ووعيهم قد ارتفع وزالت القومية والوطنية منهم. وإشاعات المُرجفين الذين يسارعون في إرهاب الناس بذكر حوادث التسعين وإثارة الحرب على الأساس المحلي لم تَعُدْ مُجدية. وما هذه الإشاعات إلا فتنة تُنشر من جانب عملاء النظام الفاسد المتملقين من أجل حماية أسيادهم. وهذه الفئة من العملاء هي: الشعراء والكتاب والمثقفون البلاطيون الذين تسمموا بالثقافة الغربية ضد الإسلام والمسلمين ووسائط الإعلام العامة (المستقلة اسما) القومية تسابقهم في هذا الأمر. ويشتغلون كلهم ليلا ونهارا في مدح الرئيس الدكتاتور ونظامه الفاسد بأساليب التكنولوجيا الجديدة للتبليغات.
ومنذ ما يزيد عن ١٥ سنة قام يعمل بين الأمة في البلاد حزب سياسي أسس على مبدأ الإسلام. وصقل هذا الحزب من الشباب المخلصين والشابات المخلصات شخصيات إسلامية، باشروا الدعوة لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة الراشدة بإيمان وفكر وغيرة وشجاعة وفداء. واستطاع الحزب أن يركز في أذهان المسلمين في طاجيكستان فكرة الخلافة، وهو متشبث بالدعوة لإقامة الخلافة الراشدة... وهذا الحزب هو حزب التحرير. فحين تَرِدُ الخلافة على اللسان يرد حزب التحرير على الفكر، وحين يَرِدُ حزب التحرير على اللسان توجد الخلافة في الأذهان، ولا سيما السنة الأخيرة على ضوء الثورات في بلاد المسلمين حيث عمل شباب وشابات الحزب المخلصون بالتضحية والفداء. وكتبوا النشرات ونشروها بين أهل البلاد وشرحوا الحوادث الجارية وأوضحوها للناس في الزيارات واللقاءات، وكسبوا أعضاء ومؤيدين جددا إلى صفوفهم. ورُغم الأوضاع والصعوبات، وبعد العيش في السجن طوال سنوات عدة، يداوم حملة الدعوة المخلصون على العمل الجاد في صفوف الحزب، وحتى يحبسوا ويرتحلوا إلى السجن مرة ثانية وهذا يدل دلالة أخرى بأن حزب التحرير قد نجح في طاجيكستان وتمتع بمحبة خاصة بين مسلمي البلاد. وبما أن الحكومة العميلة ورئيسها ليس عندهم القيادة الفكرية ولا الفكر السليم، فقد أصبحوا عاجزين مهزومين في الصراع ضد أفكار الشباب المخلصين في حزب التحرير.
وأما الأعمال السياسية الأخيرة التي قام بها شباب الحزب المعتقلون فقد ظهر هذا الشيء مرة أخرى. ففي شهر حزيران من هذه السنة أرسل ٢٥٠ عضوًا من حزب التحرير اعتراضاً من جميع المعتقلات إلى جميع هيئات الدولة ووسائط الإعلام العامة والمؤسسات الداخلية والخارجية، والعلماء والحركات الإسلامية والسكان المسلمين في البلاد، نددوا فيه بهيئات الدولة لمعاقبتهم حملة الدعوة المخلصين ولتضييقهم عليهم وظلمهم وتعذيبهم الوحشي وسجنهم الدائم، وأُنذِروا بأن يكون مصير الحكام الظلمة المخلوعين في البلاد العربية هو مصيرهم، وكذلك أكدوا نفاق وسائل الإعلام العامة والمؤسسات وأنهم مسلوبو الإرادة ونبهوا العلماء المسلمين والجماعات الإسلامية ومسلمي البلاد إلى أن السكوت عن الظلم الواقع على حملة الدعوة وعدم القيام بحمايتهم يحاسِب عليها ربُّ العالمين حسابا شديدا. وأكد شباب حزب التحرير أن هذا الظلم والجور لا يفتر إرادتهم أبداً، بل يزيد في اعتقادهم وتوكلهم على ربهم الله تعالى أكثر. وأوصل مثل هذا الاعتراض أيضا من جانب أقارب هؤلاء الشباب المعتقلين بإمضاء ١٥٠ منهم تقريبا إلى عناوين مذكورة. فأقلق هذان الاعتراضان الحكام إقلاقاً شديداً، حتى اضطربت الهيئات المتداخلة كلها. نحن في حزب التحرير لا نقصر عن بيان كلمة الحق رغم معاقبة النظام الفاسد ومضايقاته، ولا يضعف الظلم والتعذيب والسجن الدائم عزمنا وإرادتنا بإذن الله. ونقول لعلماء المسلمين وأصحاب النفوذ وذوي القدرة وجميع المسلمين:
يكفيكم صمتاً أمام اغتصاب الأعراض وهتك مقدساتكم ودينكم وعزتكم!
يكفيكم تهاوناً في القيام بفريضة محاسبة الحكام وبيان الحق أمام سلطان جائر، الذي فرضه الله عليكم!
ولم يبق لكم فرصة لتختاروا بين القعود وبين العمل لإسقاط الأنظمة الفاسدة والرويبضات وإقامة الخلافة الراشدة ونصب خليفة عادل!
فإنه لا يستقر الدين ولا تُحفظ الأعراض ولا يقوم العدل إلا بإقامة الخلافة ونصب الخليفة لأن رسول الله عليه السلام قال: “وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً”. وقال أيضا: “إِنَّمَا الْإِمَامُ (الْخَلِيْفَةُ) جُنَّةٌ يُقاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَىْ بِهِ”.
فبتوكل تام بلا رجوع وبإيمان واعتقاد بوعد الله تعالى وبشرى الرسول صلى الله عليه و سلم قوموا مع حزبكم - حزب التحرير لبيان كلمة الحق وما هو إلا أفضل الجهاد!
قال الله تعالى :{ وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } ( النور: ٥٥)
وبَشَّرَ رسول الله صلى الله عليه و سلم: “ثُمَّ تَكُونُ خِلاَفَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ”
نحن ندعوكم لما يحييكم في الدنيا والآخرة ويضمن لكم العزة في الدارين. وقد بلغنا فلبوا!
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّـهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } (الأنفال: ٢٤)
رمضان 1433هـ
2012/08/18م
حزب التحرير
طاجيكستان