لليوم السادس على التوالي وكيان يهود المغتصب لفلسطين يُمطر أهل غزة بصنوف الأسلحة المدمرة، حتى طالت جرائمه البشر والشجر والحجر... يهدم المنازل فوق رؤوس أهلها، والذي ينجو من تحت الأنقاض تلاحقه الصواريخ راجلاً أو راكبا... وقد شملت المساجد وحتى دور رعاية المعاقين، فلم تسلم هي الأخرى من تلك الجرائم. ومع تصاعد هذه الجرائم إلا أن دول الطوق تعدُّ القتلى والجرحى، وأمثلهم طريقة يفتح المعبر للجرحى ولسان حاله يقول إن أردت أن تخرج من حصار غزة فلتكن مجروحاً جراحاً خطرة وليس بأي جرح... وأهلاً وسهلاً بك جريحاً ينزف دمك! وكذلك فإن هؤلاء الحكام أحياناً يتبرعون، وهم لا شك يدركون أن المعرَّض للقتل يريد من يمنع عنه القتل قبل أن يقدم له الأكل! ثم إن هؤلاء الحكام يتوسطون، فهم على الحياد! فيرجون هذا ويرجون ذاك، بل ويركعون لهذا وذاك، يتوسطون للتهدئة بعد أن ترتوي دولة يهود من دماء أهل غزة، ثم تسري التهدئة التي تنظر لها دولة يهود كاستراحة محارب... ثم تنقضها وتعود إلى جولة أخرى وهكذا دواليك! ومع كل هذا وذاك فحكام الطوق وما بعد الطوق يصرون على الحياد إرضاء للغرب ويهود دون أن يستحيوا من الله ورسوله والمؤمنين!
إنه ليس عجيباً ولا غريباً أن يتصرف الحكام في تلك الدول بهذا التخاذل والخور، فهذا ديدنهم منذ ابتليت هذه الأمة بهم، لكن الغريب العجيب هو بالنسبة للجنود الذين يصاحبهم السلاح ويتعايشون معه لنصرة دينهم وأمتهم، كيف يطيقون مشاهدة وسماع القصف الوحشي لإخوانهم وأخواتهم، تحيط بهم الدماء، ويستغيثون ثم لا يجدون من يجيب؟! ومع ذلك فإذا رفض الحكام وتقاعس الجند فأين آباؤهم وإخوانهم وأبناؤهم؟! فلماذا لا تحرضونهم على القتال في سبيل الله، فينصروا العباد ويحرروا البلاد، وتكونوا بجهاد أبنائكم في نعمة من الله وفضل، فالجهاد هو ذروة سنام الإسلام... فأثيروا عندهم القوة والتقوى، وأن ينصروا المسلمين الذين يتعرضون لجرائم يهود ﴿وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ﴾، وأن لا يسكتوا على ظلمٍ أو ضيم، وأن ينكروا على الحاكم ظلمه وخيانته لله ولرسوله والمؤمنين، فلا يطيعوا في معصية، وبذلك تقونهم خزي الدنيا وعذاب الآخرة.
أيتها الجيوش في بلاد المسلمين، وبخاصة بلدان الطوق الحزين:
أليس منكم رجل رشيد يصنع خيراً، فيقود إخوانه من الجند، لنصرة غزة، فتُسطَّر له بذلك صحائف بيضاء يعزّ بها في الدنيا والآخرة؟ أليس منكم من يعيد سيرة القادة العظام في جند الإسلام الذين كانوا من أجل استغاثة امرأة ينطلقون أسوداً يصدعون: يا خيل الله اركبي...
إنه لأمر محسوس ملموس أن الحكام يبذلون الوسع لمنعكم من قتال عدوكم، ويريدونكم لقتال أهلكم بدل حمايتهم... ولكن من يحرس الحكام، ألستم أنتم؟ فإن بيدكم أمرهم، فإن وقفتم في وجههم واندفعتم للقتال ونصرة أهلكم فزتم، وإن عصيتموهم أفلحتم، فإنه «لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ» أخرجه أحمد والطبراني، فهل من رجل رشيد ينصر الله ورسوله؟ أليس منكم مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وأَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ، وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْر، وسعدُ بن معاذ الذين نصروا الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم ففازوا في الدنيا والآخرة حتى إن عرش الرحمن قد اهتز لموت سعد بن معاذ لنصرته دين الله، أخرج البخاري عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «اهْتَزَّ العَرْشُ لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ»؟ أليس منكم رجل رشيد يعيد سيرة هؤلاء الرجال الرجال فيقيم الخلافة ويوجد الخليفة، فلا يمنعكم من قتال عدوكم بل يقودكم، فالإمام يُقاتَل من ورائه، أخرج مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ، يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ، وَيُتَّقَى بِهِ»، ومن ثم يتحقق بقيادته القضاء على كيان يهود وتعود الأرض المباركة كاملة إلى ديار الإسلام... ويعيد الخليفة سيرة الفاروق عمر بفتح القدس والأرض المباركة حوله، وسيرة صلاح الدين بتحريرها من الصليبيين، وسيرة عبد الحميد الذي حافظ عليها وكانت أغلى من روحه ومن ملك يمينه...
إننا ندرك أنه لن تنزل ملائكةٌ من السماء تقيم لنا خلافة وتقود لنا جيشاً يقضي على كيان يهود ويحرر فلسطين، وإنما ينزل الله سبحانه ملائكةً تساعدنا إذا عملنا بجد وصدق وإخلاص لاستئناف الحياة الإسلامية في الأرض وإقامة الخلافة، فتتحرك الجيوش لقتال يهود، ونصرة دين الله سبحانه، وعندها يُنزل الله القوي العزيز ملائكةً تساعدنا لا أن تقاتل بالنيابة عنا، والقرآن الكريم ينطق بهذا في آي الذكر الحكيم ﴿بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ﴾، فإذا صبرنا واتقينا والتحمنا بالعدو في قتال فإن الله سبحانه يمددنا بآلاف من الملائكة... هذا هو الطريق لنصرة غزة، ونصرة المسلمين في كل مكان، وحقاً ﴿لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ﴾.
أيها المسلمون أيتها الجيوش في بلاد المسلمين وبخاصة بلاد الطوق الحزين: إن جرائم يهود مستمرة في غزة، والحكام في صمت مطبق عن نصرة أهل غزة، حتى الصراخ المعتاد بالإدانة والشجب قد أوشك أن لا يغادر حناجرهم، وإن كان فعلى استحياء... ومع أن بطولات الأهل في غزة بما يمكنهم صنعه محلياً من سلاح قد صعقت العدو وأدمته وأصابته بالهلع... إلا أنّ المشكلة لا تُحل إلا بإزالة كيان يهود، وقهرُ العدو وإزالةُ كيانه بحاجة إلى جيوش تتحرك فتؤز الكيان أزا... وقد نجح الكفار المستعمرون الداعمون لكيان يهود والعملاء، نجحوا في تقزيم قضية فلسطين من قضية إسلامية إلى قضية عربية ثم إلى قضية وطنية فلسطينية، بل وإلى نصف قضية! لقد أصبح واضحاً لكل ذي عينين أن فلسطين لا تحرر كاملة إلا أن تعود القضية إسلامية من جديد، فتكون قضية كل مسلم، مدنياً كان أم عسكرياً، من أقصى الشرق في إندونيسيا إلى أقصى الغرب في الرباط، فيدرك أن فلسطين ليست بلداً صديقا ولا حتى شقيقاً، بل هي النفس والأرض والعِرض والفرض... فالمسلمون جسد واحد «إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» أخرجه مسلم عن النعمان بن بشير.
أيتها الجيوش في بلاد المسلمين وبخاصة بلاد الطوق الحزين:
إن حزب التحرير يناديكم ويستنهض هممكم، فالأرض المباركة هي درة بلاد المسلمين، وأولى قبلتيهم، ومسرى رسولهم ومعراجه صلى الله عليه وسلم فانفروا لقتال عدوكم ولنصرة أهلكم كما قال سبحانه ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾، ولا تكونوا كما قال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ﴾... وإلا ﴿يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾.