الخبر:
أصدر مكتب البنك الدولي بالمغرب ليلة الجمعة 15/2/2013 بيانا صحفيا جاء فيه أن المجلس الإداري للبنك الدولي وافق على منح المغرب قرضا بقيمة 130 مليون دولار٬ من أجل إصلاح قطاع النفايات الصلبة٬ مما سيساهم في خلق ما يصل إلى 70 ألف وظيفة في إطار أنشطة إعادة تدوير النفايات.
التعليق:
يعتمد المغرب على القروض الربوية لتنفيذ مشاريعه التنموية ولسد العجز الحاصل في الميزانية وهو يحصل على هذه القروض من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومجموعة من المؤسسات الدولية المانحة، فإلى جانب هذا القرض حصل المغرب في 25/09/2012 على قرض بقيمة 300 مليون دولار من البنك الدولي، كما وقع مع البنك الأفريقي للتنمية في 28/11/2012 على قرض بقيمة 121 مليون يورو، وفي 19/12/2012 وقع وزير المالية مع نفس البنك على قرض بقيمة 605 مليون يورو، وفي السنة الماضية 2012 أصدر المغرب سندات سيادية بقيمة مليار دولار بفائدة 4.25 % وبفترة سداد تصل إلى 10 أعوام، وسندات بقيمة 500 مليون دولار بمدة سداد تصل إلى 30 عاما وبسعر فائدة 5.5%، كما حصل على خط ائتماني من صندوق النقد الدولي بقيمة 6.2 مليار دولار. فرغم أن رئيس الحكومة برر أن الزيادة في المحروقات كانت لتجاوز اللجوء إلى الاقتراض الخارجي فإننا نلحظ أن شيئا لم يتغير. وأمام هذا الوضع نبين التالي:
1- إن القروض الربوية حرام وإثمها عظيم، يقول سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْب مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) فلا إصلاح ولا تنمية مستدامة ترجى من هذه القروض بل هي حرب من الله ورسوله، وإنها وإن كانت توفر السيولة للدولة فإن سدادها سيرهقها ويرهق أهل المغرب وسيجدون أنفسهم بعد عشرات السنين قد أدوا قيمة القرض أضعافا مضاعفة كخدمة للدين بينما أصل القرض ثابت يطاردهم. فعار أن يستدين المغرب بربا وترتفع مديونيته في ظل حكومةٍ الحزبُ الأساسُ فيها يقول أن مرجعيته إسلامية.
2- إن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ليسا مؤسستين خيريتين وإنما هما مؤسستان تخدمان مصالح الدول الصناعية الكبرى وخاصة أمريكا التي تتمتع بقوة تصويتية تجعلها تتحكم في القرارات بالمؤسستين، وهما تعملان على ربط الدول باقتصاد السوق والتقليل من تدخل الدولة وإخضاع السياسة العامة للدول المدينة لتوجيهات الدول المانحة. كما أن البنك الدولي أصبح آلية لتنفيذ التوصيات والقرارات الدولية المتعلقة بالصحة والمرأة والطفولة والتعليم والبيئة وحقوق الإنسان والإصلاحات الديمقراطية... من خلال ربط القروض والمنح بتنفيذ هذه التوصيات. فالدعم المالي الدولي دعمٌ مشروطٌ يرهن القرار السياسي والاقتصادي ويجعله خاضعا لمصالح الدول المانحة.
3- إن القروض الخارجية كانت الذريعة لدخول الاستعمار للمغرب، وكانت سبب خضوعه لسياسة التقويم الهيكلي، وبسيره على ذات النهج واعتماده على القروض سيبقى المغرب تابعا وخاضعا لإملاءات الدول المانحة، فبتاريخ 05/02/2013 ذكر بلاغ لصندوق النقد الدولي، أن مجلسه الإداري انتهى من تقييم أداء الاقتصاد المغربي وجدد التأكيد على أن المملكة مؤهلة دائما للاستفادة من موارد الخط الائتماني. إن هذا البلاغ لدليل على أن الخط الائتماني الذي حصل عليه المغرب لسنتين بقيمة 6.2 مليار دولار وكذلك غيره من القروض هو أداة ابتزازٍ، ناهيك أنه مشروط باتباع سياسات معينة. ففي هذا السياق قالت نائبة المديرة العامة لصندوق النقد الدولي نعمة شفيق: "أن السياسة الجبائية للمغرب بما في ذلك ميزانية 2013 تبقى مطابقة لالتزامات البلاد المتمثلة في الحفاظ على سياسة جبائية مستدامة"٬ مؤكدة على أهمية "السير قدما في إطار هذه الاستراتيجية٬ وفي إصلاح صندوق المقاصة ونظام التقاعد٬ والضمان الاجتماعي". فإصلاح صندوق المقاصة مثلا هو مطلب للصندوق وإقدام الحكومة على إصلاحه في أفق إلغائه وتعويضه بالدعم المباشر للأسر هو خضوع لهذا المطلب رغم انعكاساته الاجتماعية.
4- إن التنمية المستدامة والإقلاع الاقتصادي ومعالجة الفقر لن تتحقق بقروض البنك الدولي وتوصيات صندوق النقد وواقع الدول التي خضعت لسياساتهما منذ تأسيسهما خير شاهد على ذلك، والسبيل لتحقيقها هو في تطبيق الإسلام كاملا ومنه النظام الاقتصادي الإسلامي الذي:
أ- حدد المشكلة الاقتصادية بكونها مشكلة توزيعِ الثروةِ على جميع أفراد الرعية وتمكينهم من الانتفاع بها بتمكينهم من حيازتها ومن السعي لها، وليست مشكلة إنتاج لها كما في النظام الرأسمالي.
ب- وجعل معالجاته الاقتصادية بوصفها أحكاما شرعية تنصب على ضمان إشباع جميع الحاجات الأساسية لكل فرد من مأكل وملبس ومسكن وتمكينه من إشباع حاجاته الكمالية، كما تنصب على إشباع الحاجات الأساسية للجماعة من تطبيب وتعليم وأمن. فالمعالجات الإسلامية تعالج المشكلة بوصفها مشكلة إنسانية ولا تتعامل معها كأرقام تقيس النمو الاقتصادي بغض النظر عن المستفيد من هذا النمو.
ت- وربط النقدَ بالذهب والفضة فعالج بذلك التضخم وحقق الاستقلالية النقدية فلن يكون الاقتصاد تابعا للدولار ورهين تقلباته.
ث- وجعل الملكية ملكيةً فرديةً وملكيةً عامةً وملكيةَ دولةٍ ولم يجعلها على نحو واحد كما في النظام الرأسمالي ملكية خاصة فقط، فمنع بذلك استئثار فئة من الناس بخيرات البلاد وثرواتها ومنعها عن الباقين مع إعطائهم الفتات من عائداتها في شكل ضرائب للدولة. فالملكية الفردية في الإسلام هي ما أجاز الشارع للأفراد تملكه أي حيازته والانتفاع به، والملكية العامة هي ما جعل ملكيتها للمسلمين جميعا ينتفعون بها جميعا ولا يُمنعون عنها ومنع الأفراد من تملكها كالبحار والمراعي والماء والكهرباء والمعادن العِدَّةُ من ذهب وفضة وفوسفات وبترول، وملكية الدولة هي ما ليس من الملكية الفردية ولا من الملكية العامة فيتصرف به الخليفة برأيه متقيدا بالأحكام الشرعية.
ج- وشجع على العمل والاستثمار ومنع كنز المال.
ح- وحرم الربا ومنع الاحتكار.
خ- وأوجب الزكاة حق الفقراء في مال الأغنياء.
د- وجعل القرار سياديا فحرم أن يكون للكفار سبيل على المؤمنين، فكانت سياسة التصنيع تقوم على صناعة الآلة، فنصنع ما نصنع به منتوجاتنا ولا نبقى عالة على الغرب.
فبهذه الأحكام وبأمثالها تتحقق الكفاية والرفاه وهي أحكام شرعية من عليم خبير.
فإلى متى سيبقى الحكام مُوَلّين وجوههم شطر القروض الأجنبية الربوية يحاربون الله ورسوله تاركين وراء ظهورهم المعالجات الإسلامية الناجعة؟
( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ)
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير
في المغرب
|