بسم الله الرحمن الرحيم
خبر وتعليق
هل أصبحت أحكام الشرع عاراً يُتبرَّأ منه؟
أتحتاج المرأة إلى مبرِّرٍ لكي تغطي رأسها وتطيع ربها؟
الخبر:
نشرت جريدة "الصباح" على صفحتها الأولى بتاريخ 25/03، صورة لشرطيتين وعلقت عليها (فوجئ ضيوف الدورة التاسعة عشرة لمهرجان السينما بتطوان... بوجود شرطيات يرتدين الحجاب، وفي سابقة في أسلاك الأمن الوطني، إذ يمنع إطلاق اللحى أو مزاولة العمل بزي يحمل طابعاً دينياً (!) وكان لافتاً وجود شرطيات محجبات ينظمن المرور أمام البوابات الرسمية...). كما نشر الموقع الإلكتروني "كود.ما" في اليوم نفسه نقلاً عن مصدر أمني مطلع بالإدارة العامة للأمن الوطني أن النساء الشرطيات لا يرتدين أي زي ذي طابع ديني ولا علاقة له لا بالحكومة ولا بغيرها. وقدم المصدر توضيحات حول قصة الصورة التي التقطت لشرطيتين تضعان غطاء على الرأس في تطوان، مشيراً إلى أنهما اضطرتا إلى وضعه بسبب برودة الطقس الشديدة، وأنهما، يضيف المصدر، كانتا ترتديان زيّاً يحمل طابعاً نظامياً وليس له أي رمز ديني، ثم يضيف الموقع، لكن الصورة تكذب هذا التفسير، فالشرطية التي يظهر وجهها محجبة، اختارت حجابها بعناية ولا علاقة لهذا ببرودة الطقس بتطوان.
التعليق:
جرم وأيُّ جرم؟ عدسة مصور تضبط شرطيتين بمدينة تطوان بشمال المغرب مُتلبّْستين بـ"جرم" ارتداء الخمار (غطاء الرأس)، فتثير الصورة اهتماماً واتهاماً بمخالفة قانون الزي المعتمد لدى سلك الأمن، ما يستدعي تبريراً من مسئول أمني دفعاً لتهمة السماح للشرطيات بالتقيد بجزء من اللباس الشرعي الذي فرضه الله على النساء.
ما هذا؟ أليست المرأتان مسلمتين، ألسنا في المغرب الذي يدين أهله بالإسلام منذ 14 قرناً؟ ألسنا في بلاد الأدارسة والمرابطين؟ ألسنا في بلاد فاتحي أوروبا وناشري الخير في أدغال أفريقيا؟ أنفاجأ حين تغطي امرأتان رأسيهما، ونضطر للمراوغة والتبرير ونتنصل خشية الاتهام بالتقصير، ولا نفاجأ حين تتعرى بناتنا ويخرجن كاسيات عاريات يعرضن مفاتنهن في الشوارع؟ أم أننا أخطأنا العنوان ونعيش في فرنسا حاملة لواء الحرب على الحجاب حفاظاً على علمانية الدولة؟
ألم يَنُصَّ "دستورهم" (الفصل 3) على أن الإسلام هو دين الدولة، وأن الدولة تضمن للأفراد حرية ممارسة شؤونهم الدينية؟ ألم يَنُصَّ (الفصل 41) على أن الملك، أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين، والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية، فهل سطروا الدستور بأيديهم لكي يطبقوه؟ أم أنهم على هزاله يستكثرونه علينا، ثم ها هم يتراجعون عنه ولمَّا يجف حبره!؟
إن أهل المغرب مسلمون، يعلم صغيرهم قبل كبيرهم، المتدين منهم وغير المتدين، رجالهم ونساؤهم، أن جسد المرأة وشعرها عورة يجب تغطيتهما في الحياة العامة وأمام الأجانب، وحتى النساء اللواتي لا يتقيدن بهذا الحكم الشرعي، فالغالب الأعم منهن لا يفعلن ذلك جحوداً وإنكاراً للحكم، وإنما من باب التقصير لذلك تجدهن يسألن الله الهداية والتوبة، وينتظرن الفرصة للتقيد به. والكل يشعر، مع اتساع الصحوة الإسلامية المباركة وتنامي عودة الناس لدينهم، التزايد المطرد لعدد النساء اللواتي يرتدين "الخمار" (مع كل التحفظات على شكل هذا اللباس ومدى تقيده فعلاً بما حدده الشرع) حتى فاقت نسبتهن 70% حسب بعض التقديرات.
لقد حدد الإسلام، ديننا العظيم، أحكاماً شرعيةً واضحة للباس المرأة فجعل لها لباساً معيناً للحياة العامة وآخر للحياة الخاصة وحدَّد لها ما يجوز إظهاره للرجال الأجانب وما لا يجوز، وكان الأجدر بحكامنا أن يلزموا النساء بهذا اللباس تنفيذاً للحكم الشرعي وطاعة لله عز وجل، وقبل ذلك غيرةً على أعراضهم وحفظاً لها. وهذا اللباس الشرعي ليس زياً "دينياً" بالمفهوم النصراني، أي ليس حكراً على الراهبات ومميزاً لهن عن غيرهن من النساء، وإنما هو لباس للمرأة المسلمة بمجرد بلوغها.
إن وصف غطاء الرأس بـ"الزي الديني" يُضمر القدح له، ويبرر منعه أو على أقل تقدير التضييق عليه، وهو سيرٌ على خطى بن علي هارب تونس الذي كان يحاربه ويطلق عليه اسم "الزي الطائفي"، فعاجله الله من حيث لم يحتسب ((فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ القَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ العَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ)).
وأما المؤلم فأن يحصل هذا في ظل الحكومة "الملتحية"، حكومة ظن الناس بها خيراً، فإذا بها لا تختلف في شيء عن سابقاتها بل لعلها تسابقهم في علمانيتها وتنكُّرها للدين، ألم يصرح بنكيران للتلفزيون الأردني في 17/3، بكل صراحة ووضوح، أن أسلمة الدولة مجرد خزعبلات؟ هل تجرأ أحدٌ من الحكومات السابقة قبله أن يتفوَّه بمثل هذا؟ هل أصبح هجوم الحركات "الإسلامية" على أحكام الإسلام أشرس من هجوم الحركات العلمانية نفسها؟
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير بالمغرب
18 من جمادى الأولى 1434 هـ
الموافق 30/03/2013 م