بسم الله الرحمن الرحيم
قانتات حافظات - فقرة المرأة المسلمة- ح3
حياكم الله معنا من إذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير حيث يتجدد لقاؤنا معكم في فقرتنا الأسبوعية بعنوان قانتات حافظات ..
تحدثنا في الحلقة السابقة، عن معنى حافظات قانتات ، وقد بينا صفاتهن.
واليوم نأتي لبيان نظرة الشرع لتلك الصالحة القانتة وما يترتب على هذه النظرة. أي ما أوجبه عليها من واجبات كاللباس والطاعة وما جعله لها من حقوق كالولاية والنفقة .
ولكن بداية، لا بد من التعريج على نظرة الشرع للمرأة ليتسنى لنا الإنتقال لتلك الحقوق والواجبات وفهمها فهما صحيحا كما أرداه الله لنا.
لقد نظر الإسلام إلى المرأة نظرة إنسانية تتمتع بجميع خصائص الإنسان ، فنظر إليها على أنها إنسانة فيها طاقات حيوية وحاجات عضوية كالجوع والعطش وقضاء الحاجة، وفيها غريرة البقاء وغريزة النوع وغريزة التدين، وهي نفس الطاقة الحيوية والغرائز الموجودة في الرجل دون زيادة أو نقصان.
ولم يهمل أنوثتها، بل نجد أن الإسلام نظم أنوثتها ووجهها، بل وهيأها لخوض معترك الحياة بوصف الإنسانية، وفرض عليها من الواجبات وأعطاها من الحقوق ما يتفق مع طبيعتها كأنثى.
وإن من أهم ما يميز الإسلام في موقفه من المرأة عن غيره من النظم التي عاشت قبله والمبادئ التي استجدت بعده نظرته الإنسانية إلى المرأة والرجل على السواء في كل تشريعاته ومفاهيمه، ونظرته للمرأة على أنها أنثى إلى جانب نظرته للرجل على أنه ذكر...
فالإسلام هو الدين الوحيد الذي يحوي نظاما شاملا صالحا ضامنا لهناءة الحياة، كيف لا وقد نظم صلات المرأة بالرجل تنظيما طبيعيا كانت الناحية الروحية أساسه، والأحكام الشرعية مقياسه، فكان النظام الاجتماعي في الإسلام الذي نظر للإنسان رجلا كان أو امرأة بأنه إنسان فيه الغرائز والمشاعر والميول وفيه العقل، فأباح له التمتع بلذائذ الحياة، ولم ينكر عليه الأخذ منها النصيب الأكبر على وجه يحفظ الجماعة والمجتمع بل ويمكنه للمضي قدما لتحقيق هناءته.
ولم يشهد عصر الإنسانية إلى يومنا هذا أي نظام كرم المرأة كما كرمها الإسلام، فالباحث في الحضارات ما تأخر منها وما تقدم يرى كيف أنها نظرت للمرأة نظرة بشعة تتنافى مع إنسانيتها وطبيعتها التي جبلت عليها...
فمن نظرة لا تخرج عن إطار تمثال أو صورة عارية نحتتها يد ما يسمونه فنانا، إلى نظرة لا تتعدى كونـها مشبعة الشهوات، ناهيك عن تلك النظرة المنحطة التي لا ترى لها أي شأن بل تراها هادمة الحضارات.
وكم حاولوا الرقي والارتفاع بتلك النظرة حتى أوصلتهم عقولهم العاجزة المحدودة الناقصة إلى جعلها سلعة بخسة رخيصة بحجة المساواة والرقي، فما كان إلا أن زادتها هذه النظرة انحطاطا وضياعا.
فكما أسلفنا، لقد نظر الإسلام للمرأة نظرة إنسانية، فجعل لها حقوقا وأوجب عليها واجبات تتفق مع إنسانيتها وتدعم وجودها في الجماعة والمجتمع, فكانت النظرة الخاصة لها كأم وأخرى كأخت وأخرى كابنة وأخرى كزوجة وأخرى كرحم يجب وصله والنظرة الأخرى لها في الحياة العامة كأجنبية.....
فجعل لها حقوقا مادية وحقوقا معنوية, ومن جملة هذه الحقوق، حقها في الولاية وحقها في النفقة وحقها في الميراث وحقها في اختيار الزوج, وجعل لها كرامة وأوجب لها أن تصان، وأوصى بتكريمها وغير ذلك من الحقوق التي سيتم التطرق إليها بإذنه تعالى في هذا البحث إن شاء الله
أما جملة الواجبات التي أوجبها عليها فكان منها أداء الفروض من صلاة وصوم وحج وصدقة وزكاة وكافة التكاليف الشرعية التي طالبها الشرع بأدائها والتي ستسأل عنها يوم القيامة.....
ولقد علمت المرأة المسلمة التي عايشت نزول الوحي أن لها حقوقا وعليها واجبات، فسعت لتعلم هذه الواجبات, ولـم تفعل كبعض النساء اليوم اللاتي ينادين بحقوقهن الزائفة التي زينها لهن شيطان الغرب ظانات أن بها صلاحهن ونهضتهن، وحبذا لو كلفت إحدهن نفسها بالسؤال عن واجباتها.
أما المرأة المسلمة التي علمت أنها مخلوقة لخالق وأن الله جعل لها من الحقوق ما لها ومن الواجبات ما عليها، فدأبت على السؤال عن واجباتها لخوفها من السؤال يوم العرض، وحتى لا تكون مقصرة في أي واجب فرض عليها دون أن تدري.
فها هي وافدة النساء الصحابية الجليلة أسماء بنت يزيد الأنصارية حين أتت النبي صلى الله
عليه وسلم وهو بين أصحابه فقالت:بأبي أنت وأمي إني وافدة النساء إليك وأعلم أنه ما من امرأة كائنة في شرق ولا غرب سمعت بمخرجي هذا أو لم تسمع إلا وهي على مثل رأيي، إن الله بعثك بالحق إلى الرجال والنساء فآمنا بك وبإلهك الذي أرسلك، وإنا معشر النساء محصورات مقصورات .. قواعد بيوتكم ومقضى شهواتكم وحاملات أولادكم وإنكم معاشر الرجال فضلتم علينا بالجمعة والجماعات، وعيادة المرضى، وشهود الجنائز، والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله. . وإن الرجل منكم إذا خرج حاجا أو معتمرا ومرابطا حفظنا لكم أموالكم وغزلنا لكم أثوابكم وربينا لكم أولادكم فما نشارككم في الأجر يا رسول الله ؟ فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه بوجهه كله، ثم قال: هل سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من مسألتها في أمر دينها من هذه ؟ فقالوا: يا رسول الله ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا. . فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إليها ثم قال لها: انصرفي أيتها المرأة وأعلمي من خلفك من النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها وطلبها مرضاته واتباعها موافقته تعدل ذلك كله. . فأدبرت المرأة وهي تهلل وتكبر استبشارا..
فالله الله في هذه المرأة القانتة الحافظة المحافظة على شرعة الله بالسؤال والاستفسار للتطبيق ونيل الرضا ومغفرة الرحمن.
تلك هي نظرة الإسلام للمرأة ومنها سنأتي إلى واجبات المرأة التي أوجبها الله عليها أولا, ثم نأتي إلى حقوقها التي أوجبت لها .
وإلى حلقة أخرى من حلقات قانتات حافظات ، نلقاكم على خير الأسبوع القادم إن شاء الله .
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
18 من رمــضان 1430
الموافق 2009/09/08م