بسم الله الرحمن الرحيم
لزوار صفحاته بمناسبة حلول شهر
#رمضان المبارك لعام 1445هـ الموافق 2024م
========
إلى خير أمة أخرجت للناس... الأمة الإسلامية التي أكرمها الله بطاعته...
إلى حملة الدعوة الكرام الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله...
إلى زوار الصفحة الأكارم المقبلين على الخير الذي تحمله...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
إني أسأله سبحانه أن يتقبل من المسلمين الصيام والقيام وأن يغفر الله سبحانه لنا أجمعين ما تقدم من ذنبنا كما قال ﷺ فيما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قَالَ رَسُولُ اللّه ﷺ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، وفي رواية أخرى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللّه ﷺ قَالَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».
الإخوة الكرام: لقد فرض الله سبحانه في شهر شعبان من السنة الثانية للهجرة صيامَ شهر رمضان، وهو شهر أنزل الله فيه القرآن ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾، كما أنه شهر أكرم الله فيه الأمة بالنصر والفتح المبين، فكانت معركة بدر الكبرى في السابع عشر من رمضان حيث هُزم فيها مشركو مكة هزيمة كبيرة... ثم كانت معارك فاصلة أخرى في هذا الشهر الكريم ابتداء من فتح مكة المكرمة في العشرين من شهر رمضان المبارك من السنة الثامنة للهجرة إلى معركة البويب "قرب مدينة الكوفة حالياً" التي هي يرموك فارس حيث انتصر المسلمون بقيادة المثنى في الرابع عشر من رمضان سنة إحدى وثلاثين للهجرة، ثم فتح عمورية بقيادة المعتصم في السابع عشر من رمضان سنة مئتين وثلاث وعشرين للهجرة، ومعركة عين جالوت التي هَزَمَ المسلمون فيها التتارَ في الخامس والعشرين من رمضان سنة ست مئة وثمانٍ وخمسين للهجرة إلى غيرها من الانتصارات في هذا الشهر الكريم...
وهكذا فقد اقترن الصيام بالقرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه... واقترن الصيام بالفتح والنصر... اقترن الصيام بالجـ..ـهاد... اقترن الصيام بتطبيق أحكام الله... وعلم كل صاحب بصر وبصيرة أن أحكام الله سبحانه لا ينفصل بعضها عن بعض، سواءٌ أكانت عبادات أم جـ..ـهاداً أم معاملات أم أخلاقاً وسلوكاً، أم حدوداً وجنايات... فكلها من مشكاة واحدة، ومن تدبَّر آيات الكتاب الكريم ونصوص الأحاديث الشريفة يجد ذلك واضحاً بيّناً، فالمسلم يتلو من آي الذكر الحكيم ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾، كما يتلو ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ﴾، ويتلو ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾، كما يتلو ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ﴾، وكذلك هو يقرأ عن الحج في أحاديث رسول الله ﷺ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» أخرجه البيهقي في سننه الكبرى عن جَابِرٍ، كما يقرأ عن الحدود «خُذُوا عَنِّي، خُذُوا عَنِّي، قَدْ جَعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً، الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ، وَالرَّجْمُ» أخرجه مسلم عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، ويقرأ في المعاملات «البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا - أو قال حتى يتفرقا -» أخرجه البخاري عن حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، كما يقرأ في بيعة الخليفة «وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً» أخرجه مسلم عن عبد الله بن عمر.
وعليه فإن الإسلام كلّ لا يتجزأ، والدعوة إليه واحدة لتطبيقه في الدولة والحياة والمجتمع، فمن فصل بين آيات الله، وقال بفصل الدين عن الحياة، أو بفصل الدين عن السياسة، فقد ارتكب إثماً عظيماً وجريمة كبرى تقود صاحبها إلى الخزي في الدنيا والعذاب الأليم في الآخرة.
أيها المسلمون: أذكركم بكل ذلك في هذه الأيام التي يتكثف فيها عدوان يهـ.ـود الوحشي على أهل غـ.ـزة، وقد صُدم ببطولات أهل غـ.ـزة، فقد مضت أشهر طوال دون أن يحقق كيان يهـ.ـود المسخ أي نجاح كان يدعيه على أهل غـ.ـزة، ففقد أعصابه وبدل أن يقاتل وجهاً لوجه مع تلك الفئة المؤمنة بأسلحتها المتواضعة في الوقت الذي هو مدجج بأسلحة أمريكا والغرب، بدل ذلك تحول لقتل النساء والأطفال ليجد له نجاحا يتكلم فيه!!
فكيان يهـ.ـود يرسم فشله بيديه، فهو ليس أهل قتال إلا بحبل من الناس كما قال القوي العزيز ﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ﴾ وقد قطعوا حبل الله منذ أنبيائهم وبقي لهم حبل الناس من أمريكا وأوروبا وعملائهم من خونة الحكام في بلاد المسلمين الذين لا يحركون ساكناً وهم يرون عدوان يهـ.ـود الوحشي على الأطفال والنساء، بل إن أمثلهم طريقة من وقف يَعدُّ الشـ.ـهداء والجرحى، ﴿قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾.
ومع ذلك أيها المسلمون فإن قتال يهـ.ـود وقتلهم وإزالة كيانهم لا بد آت بقيادة خليفة راشد مجـ.ـاهد بعد هذا الملك الجبري والحكام العملاء، فبشرى رسول الله ﷺ لن يتأخر وقتها بإذن الله تحقيقاً لما أخرجه أحمد من حديث رسول الله ﷺ «ثُمَّ تَكُونُ مُلْكاً جَبْرِيَّةً فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ سَكَتَ» وكذلك مصداقاً لحديث رسول الله الذي أخرجه مسلم «لَتُقَاتِلُنَّ الْيَهُودَ فَلَتَقْتُلُنَّهُمْ...».
وفي الختام فإننا كما يجب أن نحرص على الصيام ليرضى الله عنا ويغفر لنا ما تقدم من ذنوبنا، فيجب أن نحرص كذلك على العمل لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخـ.ـلافة الراشدة لنكون من الفائزين في الدنيا بتطبيق أحكام الله، المستظلين براية رسول الله ﷺ، راية العُقاب، راية لا إله إلا الله محمد رسول الله، ونكون من الفائزين في الآخرة كذلك بإذنه سبحانه، المستظلين بظله يوم لا ظل إلا ظله، فنفوز في الدارين، وذلك الفوز العظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخوكم
عطاء بن خليل أبو الرشتة